القلق عند الأطفال:
طبيعة القلق ومظاهره:
يظهر القلق حينما يواجه الفرد فجوة بين ما هو عليه وما يتمنى أن يكون عليه. ويمثل القلق حالة توقع للخوف، ومن الشعور بعدم الارتياح والاضطرابات والهم المتعلق بالمستقبل. فالقلق عند الطفل يبدأ بتجربة واقعية كحالة القلق لا يستطيع تفاديها. وقد يستطيع هذا الطفل تحمل الألم والضيق الناتج عن تجربة القلق إذا كانت حالة مؤقتة وستزول.
فالأطفال في سن الثالثة من العمر يظهرون شعور بالقلق تجاه الأذى الجسمي، أو فقدان حب الوالدين أو الاختلاف عن الآخرين. كما أن مشاعر القلق المتعلقة بأخطار متصلة من الأمور الشائعة في مرحلة الطفولة المبكرة، ويبلغ أوجه فيما بين عمر سنتين وست سنوات، عندما يفكر الطفل بخطر حقيقي أو متخیل.
أعراض القلق:
من الأعراض التي تشاهدها عند الطفل القلق:
• التهيج
• البكاء
• الصراخ
• سرعة الحركة
• الوسواس
• الأرق
• الأحلام المفزعة
• فقدان الشهية للطعام
• التعرق
• الغثيان
• صعوبات التنفس
• والتقلصات اللاإرادية
ففي كل مرحلة من مراحل نمو الطفل تظهر لديه حاجات خاصة، إذا لم يتم إشباعها ينتج عنها القلق. ومن هذه الحاجات الحاجة إلى الطعام، وهي حاجة عضوية فسيولوجية نفسية تمده بها الأم. كما يدخل الطفل فيما بين عمر عام وثلاثة أعوام في نوع جديد من التفاعل مع الكبار، وبعد أن يتعلم ما هو مرغوب ومقبول يبدأ في ضبط سلوكه وتنسو لديه قوة الضمير، وتظهر عنده حالات القلق عندما يواجه مواقف تتصارع فيها نزعات الخير مع الشر والصواب مع الخطأ.
أسباب القلق عند الأطفال:
1.أسباب وراثية وفسيولوجية:
تلعب العوامل الوراثية دوراً في نشوء القلق، حيث يولد الطفل مزوداً باستعداد عام للقلق، فقد دلت الدراسات على وجود تشابه في الجهاز العصبي الإرادي والاستجابة للمنبهات الخارجية والداخلية لدى التوائم )التوأم القلق). كما أوضحت دراسة العائلات أن 10% من آباء وأخوة مرضى القلق يعانون من المرض نفسه. كما وجد سلیتر وشیلدز أن نسبة القلق بين التوائم المتشابهة تصل إلى 50% أما لدى التوائم غير المتشابهة فتصل إلى 4% فقط.
فالقلق ينجم عن شعور الطفل بالذنب عندما يعتقد أنه تصرف على نحو سیء، ومن توقع العقاب نتيجة لهذا التصرف. كما أن الطفل الذي يكثر من تأجيل واجباته يستنفد طاقته بمشاعر القلق.
كما أن الإحباط الزائد للطفل يؤدي إلى مشاعر القلق عنده، ولا يتمكن الطفل هنا من التعبير عن غضبه ؛ بسبب اعتماده على الراشدين مما يؤدي إلى الشعور بالقلق. كما أن شعور الطفل بعدم القدرة على الوصول إلى كثير من أهدافه وتكوين فكرة عن نفسه بأنه لا يؤدي عمله بشكل جيد في المدرسة أو قد يشعر بأن علاقته مع الكبار أو الأصدقاء أو الأخوة ليست كما يجب، أو قد يكون لديه شعور بارتفاع في مستوى الأهداف أو تدني في مستوى تقييم الذات مما يؤدي إلى شعور الطفل بالقلق.
وتنشأ لدى الطفل حلقة مفرغة تتكون من الشعور بالإحباط، القلق، التردد، اليأس، والاضطراب. فالطفل الذي يعاني من القلق المزمن يصبح القلق عادة لديه، وتتراكم عليه دون أن تحل وهو يفكر
)عندما تنتهي مشكلتي سوف يتوقف القلق). وبدلاً من أن يفعل شيئاً حيال المشكلة، يستمر بالتفكير فيها فيزداد شعوره بالتوتر والإحباط ويحس باليأس.
بالإضافة إلى ذلك فإن عدم نضج الجهاز العصبي في الطفولة يعتبر أحد أسباب نشوء القلق لديهم. كما أن الاضطرابات الهرمونية العصبية وهرمونات السيروتونين، والنورأدرينالين، تساهم هي الأخرى في إحداث استجابة القلق.
2.أسباب نفسية:
تتعدد مصادر الأسباب النفسية المؤدية إلى القلق عند الأطفال كما تتعدد التفسيرات القائمة على أساس نفسي. والذي يبين حالات القلق عند الأطفال. يرى فراوتورانك أن القلق ينشأ عن صدمة الميلاد الناجمة عن انتقال الطفل من المكان الذي كان ينعم فيه بالدفء والسعادة إلى عالم المثيرات الخارجية المزعجة.
أما كارن هورني فترى أن القلق الأساسي في الطفولة ينشأ عن كبت الطفل لرغباته العدائية نحو والديه، ويعبر عن ذلك بسرعة اعتراضه وعناده وميله إلى التخريب. أما أریکسون، الذي يقيم نظريته على أساس نفسي اجتماعي فيری أن المصدر الأساسي لقلق الطفل هو إحساسه بعدم الثقة؛ نظراً لما يتلقاه من مثيرات مؤلمة من ذاك العالم.
أما ومورر فيرى أن القلق ناتج عن أفعال ارتكبها الإنسان فعلاً ولم يرض عنها.
والقلق يمثل عدم شعور الطفل الداخلي بالأمن، والذي ينجم أحياناً من النقد المستمر من قبل الراشدين والزملاء والذي يؤدي إلى التوتر والاضطرابات.
3.العوامل البيئية والاجتماعية:
كما سبق وأسلفنا من حديث، فإن الأطفال الذين ينشأون في بيئة تشعرهم بالحرمان والإحباط وعدم الأمن سيكونون أكثر استعداداً من غيرهم لإظهار استجابة القلق. فقد دلت الدراسات أن الآباء القلقين يكون أبناؤهم قلقين، حيث يتعلم الأطفال القلق من والديهم. فالأم القلقة سرعان ما تدرك أن صغيرها يبدي إمارات القلق، فكأن الطفل يتناغم انفعالياً مع أمه.
فالقلق تثيره أنواع معينة من الاضطرابات الانفعالية في الشخص الذي يتفاعل معه الطفل.
ويرى سوليفان أن عقاب الوالدين وتأثيره وما يسببه من ألم للطفل من الأمور التي تساعد على نشأة القلق لدى الطفل.
كما أن الرعاية الوالدية والعلاقات التي تقوم بين الوالدين والطفل تشكل عاملاً هاماً في نمو القلق لدى الطفل، فقد بين کاغان عدم وجود نموذج ذكري أبوي واضح يتطابق معه الطفل يعرقل تطابق الدور الجنسي ويكون ذلك سبباً في نشأة القلق.
بالإضافة إلى ذلك يؤدي توقع الراشدين للكمال من قبل الطفل إلى ظهور استجابات القلق عنده نتيجة عدم الوصول إلى مستوى هذه التوقعات؛ كون المعايير التي يرسمها الراشدون مرتفعة جداً، والكبار لا يرضون عن أي شيء.
المصدر:
الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.