القائمة الرئيسية

الصفحات

إضطراب ثنائي القطب

         

إضطراب ثنائي القطب


في بعض الأحيان يداهمك الإحساس بالحزن واليأس وفقدان لمتعة كل ما حولك وفقدان الشغف تجاه القيام بأي فعل مهما كان بسيطاً وفقدان الاهتمام حتى بنفسك ثم وفي لحظة واحدة يتغير إحساسك للنقيض تماماً وتشعر بفرط السعادة والحماس والطاقة والإقبال على الحياة فتعتقد أنها حالة عابرة انقضت بسلام... لكن في الواقع هذا الإحساس ليس حقيقي وإن كنت تعاني من التقلبات المزاجية المذكورة بدون سبب واضح فأنت تعاني من اضطراب ثنائي القطب.


إضطراب ثنائي القطب

في السابق كان يسمى اضطراب ثنائي القطب باسم "الاكتئاب الهوسي Manic Depression" وهو مرض عقلي خطير يسبب تغيرات في الحالة المزاجية والإنفعالات ومستويات الطاقة وتستمر هذه التغيرات من أيام لأسابيع

تم اكتشاف اضطراب ثنائي القطب Bipolar Disorder في القرن الأول الميلادي على يد شخص كان يدعى آريتايوس القبادوقي Aretaeus of Cappadocia وهو أول شخص بدأ يحلل أعراض الاكتئاب والهوس في اليونان وبعد الصمت عن هذه الأمراض لعدة قرون من الزمن جاء الطبيب الفرنسي Jean Pierre Falret ووضع بحثاً وصف فيه اضطراب الهوس ثنائي القطب الاكتئابي في منتصف القرن التاسع عشر وبدأ بتشخيص هذا المرض بناء على البحث الذي قام به، وفي بداية القرن العشرين قام الطبيب النفسي الألماني Emil Kraeplin بتحليل تأثير الاضطرابات العقلية وبدأ يُعتمد على تحليله بشكل أساسي في تصنيف الاضطرابات العقلية التي تضم ضمنها اضطراب
ثنائي القطب

مريض اضطراب ثنائي القطب قد يعاني من الهوس أو الاكتئاب أو كليهما على شكل نوبات مختلطة وأعراضه تختلف من نوع لآخر، فاضطراب ثنائي القطب يحوي عدة أنواع ويكون تشخيصه حسب ما يصاحبه إن كانت نوبات اكتئاب أو نوبات هوس

هناك أعراض اكتئابية قد تظهر على المريض تخص عواطفه مثل الإحساس بالذنب والإحساس بالتعاسة لأوقات طويلة وعدم القدرة على القيام بأي نشاط والإحساس بعدم الاستقرار البدني ويصاحب هذه الأعراض نوع من التوتر العصبي قد يودي بصاحبه للانتحار، وقد يؤثر المرض على تفكير الشخص المصاب فتراه غير قادر على اتخاذ القرارات التي تخص حياته الشخصية ويكون غير قادر على التركيز وتصاحب هذه الأعراض أعراض صحية بدنية مثل فقدان الشهية واضطرابات النوم مع الاحساس الدائم بالوهن والتعب وفقدان كافة الرغبات من ضمنها الرغبة الجنسية ويلازم المريض احساس دائم بالحاجة الى البكاء لكنه لا يستطيع أن يبكي

أما من الناحية الأخرى فلو جاء الاضطراب ثنائي القطب يصاحبه الهوس فسيكون المريض ذو احساس عالي جدا بالثقة بالنفس يرافقه احساس السعادة الدائم ويشعر بالغضب الشديد تجاه أية آراء تخالف آراءه الشخصية ويرى نفسه دائما في مرتبة أعلى من الاشخاص المحيطين به ويكون دائم التفكير بأفكار جديدة ومتهورة وقد يصل لحالة من العيش بعالم آخر ويسمع أصوات ويشعر أن هناك أحد ما يكلمه.. دائما ما تكون تصرفات هذا المريض متهورة وتصاحبه طاقة مرتفعة جداً، يتكلم بسرعة كبيرة ويعاني من صراعات داخلية ولا يشعر بحاجته للنوم بقدر الإنسان الطبيعي ويكون ذا رغبات جنسية عالية جداً.. قد تكون بعض الصفات المذكورة ايجابية لكن مريض الهوس التام قد يصل إلى مراحل خطيرة جدا فقد تراوده بعض الأوهام فيخال نفسه ذو قدرات خارقة أو قد يدّعي بعضهم النبوّة وقد يعاني المريض من التقلبات المزاجية السريعة جدا

اضطراب ثنائي القطب بحد ذاته يحوي أربعة أنواع يشتركون غالباً في الحالة المزاجية السيئة التي يعاني منها المريض وقد يعاني المريض من اليأس والضعف في الطاقة والتركيز وما يميز اضطراب ثنائي القطب عن مرض الاكتئاب أن المريض قد يشعر أحيانا بحالات مزاجية أفضل بقليل من مرضى الاكتئاب وتكون هنا على شكل نوبات هوس خفيفة وهذا كله يعتمد على مستوى شدة الاضطراب لدى المريض


أنواع اضطراب ثنائي القطب

النوع الأول Bipolar 1 : ويعاني المريض في هذا النوع من اكتئاب شديد مصاحب لهوس خفيف وقد يعاني بعض المرضى من الهوس فقط لكن بدرجات خفيفة وتتدهور حالة المريض المزاجية بشكل كبير جدا قد تصل به إلى الحاجة للنقل إلى المستشفى بالإضافة لنوبات الهوس الغير قابلة للعلاج والتي قد تستمر من ثلاثة إلى ستة أشهر

النوع الثاني Bipolar 2 : يعاني فيه المريض من اكتئاب شديد جداً يصاحبه هوس خفيف ويمر المريض بانخفاضات في الحالة المزاجية وتستمر حالات الهوس لأربعة أيام كأقل تقدير ليتم تشخيص المريض أنه مريض Bipolar 2 وقد تستمر الأعراض من أسابيع لعدة أشهر

النوع الثالث تغير المزاج السريع Rapid Cycling: ويعاني فيه المريض من تغير المزاج لأربعة حالات متقلبة واضطراب العاطفة الشديد يعيش المريض خلالها في حالة من المزاج السيء تليها حالة من المزاج الجيد أو الهوس الخفيف

النوع الرابع اضطراب المزاج الدوري Cyclo Thymia : وهنا تكون حدة التقلبات المزاجية خفيفة لكنها تستمر لفترات طويلة

سبب الاصابة باضطراب ثنائي القطب غير معروف إلى هذه اللحظة ولكن بعض العلماء يعتقدون أن هناك عوامل بيئية ووراثية متحكمة بالإصابة بهذا المرض ولكن لا أحد يعلم حتى الآن من هو الجين المسؤول عن الإصابة بهذا المرض ولكن من يكون مصاباً باضطراب ثنائي القطب فإن أفراد عائلته يكون لديهم احتمال الإصابة بنفس المرض بمعدل عشرة أضعاف عن الحد الطبيعي لاحتمالات الاصابة وهناك بعض انواع أدوية الاكتئاب قد تحفز نوبات الهوس وقد يكون لدى المريض معاناة سابقة مع بعض أنواع الاضطرابات الأخرى مثل اضطراب القلق واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

نسبة الاصابة بهذا المرض تكون بمعدل 2% في مختلف المراحل العمرية أما من تجاوز عمرة 40 عام تقل عنده احتمالات الاصابة بهذا المرض بشكل كبير ولا يوجد فرق بين الرجال والنساء في الإصابة باضطراب ثنائي القطب

من يعاني من الهوس للمرة الأولى قد لا يلاحظ تغييرا غريبا وقد يعتقد أن مشاعره ضمن الحد الطبيعي وهذه الحالة تسمى "psycotic symptom" وهي حالة من الاضطراب الذهني يعاني منها المريض حين يمر بحالات الهوس أو الاكتئاب وتكون عندها النوبات شديدة جدا قد ينفصل خلالها المريض عن الواقع وفي بعض الأحيان تصاحب هذه النوبات بعض الهلاوس السمعية والبصرية، ولا يمكن الحكم على هذه النوبات إن كانت ستتكرر، وبحسب أحد التقارير للجمعية العالمية للطب النفسي فإن هناك نسبة 10_15% من الناس قد يعانون من النوبات لمرة واحدة غير متكررة وأن حوالي 10% من هؤلاء الأشخاص قد يعانون من اكتئاب مزمن بعد إصابتهم بالنوبة الأولى أما الجزء المتبقي والذي يبلغ 80% منهم قد يعانون بقية حياتهم من نوبات وانتكاسات

لا يوجد حتى الآن علاج واضح ومحدد لمرض اضطراب ثنائي القطب إلا أن القدرة على تشخيص المرض ومحاولة علاجه من أهم الخطوات نحو إيجاد العلاج فلو لم يتم تشخيص المريض ومحاولة التعامل معه بشكل صحيح قد يودي بالمريض إلى مراحل من إيذاء النفس قد تصل للانتحار

من أقدم محاولات العلاج وأكثر المحاولات فاعلية هو محاولة العلاج بأملاح الليثيوم Lithium Lithobid لأنها تعمل على تثبيت الحالة المزاجية Mood Stabilizer أو تخفيف حدتها العنيفة التي يعاني منها المريض باستمرار ويكون لديها القدرة على علاج نوبات الهوس أكثر من نوبات الاكتئاب

نسبة استجابة المرضى الذين يعانون من نوبات الهوس للعلاج بالليثيوم وصلت إلى 60_70% ولكن يجب العلاج بأملاح الليثيوم تحت إشراف طبي تام لكي لا يتعارض تأثيره مع تأثير أدوية أخرى قد يكون المريض يتناولها، وهناك بعض العلاجات التي قد تساعد المريض مثل الأدوية المضادة للذهان والأدوية المضادة للتشنجات ولكن قد تحتوي هذه الأدوية على تأثيرات جانبية قد تؤثر سلباً على المريض، وهناك العلاج السلوكي المعرفي ولكنه قد لا يعطي أية نتائج ايجابية للمرضى الذين يعانون من نوبات الهوس وهذا العلاج قد يساعد المريض بعد التخلص من نوبات الهوس فيحافظ عليه من المواقف المرهقة للأعصاب التي قد تودي بالمريض للعودة إلى الأعراض التي كان يعاني منها في السابق

ويبقى العلاج الأقوى لمرضى اضطراب ثنائي القطب من خلال جلسات تنظيم إيقاع المخ Electro Shock Treatment أو ما يسمى الجلسات الكهربائية

اضطراب ثنائي القطب مصنف ضمن الأمراض القابلة للشفاء وقد يتخلص المريض من هذا المرض ويعود للحياة مثل أي انسان طبيعي، وعلى الرغم من تقلب حالة المرضى بين الاكتئاب والهوس إلا أن النسبة الكبرى من المرضى يعانون من الاكتئاب أكثر من الهوس

إن كنت مريض باضطراب ثنائي القطب حاول أن تختلط بالناس الطبيعيين قدر الإمكان وتجنب الأشخاص ذوي التأثير السلبي عليك وابحث عن أشخاص محبين وداعمين لك مع المحافظة على فترات مناسبة وصحية من النوم وكميات طعام جيدة لتساعد جسمك على العلاج..

" المرض النفسي ليس ذنباً وليس مرضاً يدعو للخجل أو الاحساس بالعار"

"ريما خضور"