القائمة الرئيسية

الصفحات

 

علاج التقلص اللا إرادي، وطرق الوقاية منه:

التقلص اللا إرادي أو ما يسمى باللازمة العصبية هي عبارة عن تقلص في العضلات المخططة، تحدث فجأة ولفترة محددة. كما تتميز بأنها لا إرادية وليس لها هدف واضح، وتحدث بشكل قهري. وتكون عادة في أحد الأطراف العلوية أو في الوجه، وتظهر على شكل رمش العين، ورفع الجفون، أو تحريك الرأس أو الرقبة بشكل فجائي، أو تحريك الأنف أو جوانب الفم، أو تحريك الكتف، وكذلك تغضين الجبهة، ولي الفم بعنف، وقد تشمل كل جزء من أجزاء الجسم تقريباً في الحالات المتطرفة. 

 

 

وهناك مجموعة من الأساليب التي يمكن اتباعها في وقاية الطفل وعلاجه من اللازمات العصبية وأهم هذه الأساليب ما يلي: 

 

 

تشجيع التعبير عن المشاعر الانفعالية: 

 

من أجل عدم تراكم التوتر عند الطفل لابد من تشجيع التعبير عن المشاعر الانفعالية بحرية. ولهذا لابد أن يكون للطفل أصدقاء أو راشدون يمكن الثقة بهم. فالطفل قد يلجأ إلى والديه عند مواجهة أي نوع من المشكلات، وكذلك لابد أن تكون المشاعر والأفكار التي يدلي بها الطفل مقبولة وقابلة للمناقشة من قبل الوالدين. إلا أن بعض الآباء يجدون صعوبة في الاستماع إلى بعض الأفكار الغريبة، إلا أنه بالاستماع إلى هذه الأفكار ومناقشتها مع الطفل يمكن الوقاية من مشکلات أكبر، بالإضافة إلى استعادة الطفل لتبصره وتفهمه العام للمواقف. فالصراعات النفسية حول مشاعر العدوان مثلاً تعتبر سبباً رئيسياً للتوتر واللازمات. ولهذا فإن مساعدة الأطفال في التعبير عن غضبهم بشكل مناسب يعتبر أمراً مهيأ. فالأطفال الذين يشعرون بالثقة بأنفسهم وبقدرتهم على التكيف مع المواقف وتأكيد ذواتهم بشكل مناسب، ليسوا بحاجة إلى التعبير عن الغضب من خلال اللازمات العصبية الجسدية أو اللفظية. وينصح في هذه الحالة تعليم الطفل عن طريق لعب الدور، وكيفية التعبير عن الغضب بوضوح وبدون معاداة للآخرين بشكل متطرف.

 

عدم المبالغة في ردود الفعل تجاه اللازمات وتجاهلها: 

 

عند ظهور اللازمات عند الطفل وخاصة في المرات الأولى لابد من عدم التذمر وعدم العصبية، وعدم مقارنة الطفل بالآخرين على نحو غير مرغوب فيه. فردود الفعل المبالغ فيها وغير المناسبة من شأنها أن تقوي اللازمات عند الطفل. كما أن انزعاج الأبوين وغضبهما وشعورهما بالقلق يؤدي إلى تولد خوف عند الطفل بالرغم من أن معظم اللازمات وقتية وسوف تختفي بدون علاج. 

 

بالإضافة إلى ذلك فإن الوالدين يحسنان صنعاً عند تجاهل هذه اللازمات في حالة ظهورها عند الطفل؛ لأن الانتباه إليها والاضطراب بشأنها والتوتر يؤدي إلى تثبیت ذهن الطفل عليها، ويؤدي أيضاً إلى تثبيتها. ولكن التجاهل لا يعني الإهمال لهذه الظاهرة، فإذا استمرت لبضعة أيام، لابد هنا من استخدام أساليب علاجية أخرى بطريقة هادئة وبعيداً عن العقاب. فقد يكون من المناسب عندما تظهر اللازمة عند الطفل أن يترك الأبوان الغرفة دون أن يعلقا على ذلك بأي شيء، وهذه الطريقة مفيدة عندما يكون الهدف من وراء اللازمة لفت انتباه المحيطين إليها. والنقطة الجوهرية في ذلك هي أن تتصرف بهدوء دون أن تظهر عليك علامات الغضب. وهناك طريقة أخرى يمكن أن تكون مفيدة في التغلب على اللازمات، وهي أن نجعل الطفل يغادر الغرفة عندما تظهر عنده اللازمة، ويبدو ذلك مناسباً عندما تكون اللازمة مزعجة جداً للأخرين. 

 

 

خفض التوتر والسيطرة على القلق: 

 

عند ظهور علامات التوتر على الأطفال، لا بد من العمل على خفضه، والنظر إلى السبب المؤدي إليه. فقد يكون ذلك عائداً إلى أساليب التنشئة المتبعة مع الأطفال التي تقوم على التزمت والجمود واستخدام العقوبة. 

 

لذلك لا بد من إبعاد العوامل المؤدية إلى التوتر والصراع مثل: تنافس الأشقاء، أو المشاجرات الأسرية المتكررة. كما لا بد من اتباع سلوك أقل تزمتاً لعقوبة الأطفال. فمن المعلوم أن معظم الأطفال الذين تتطور لديهم مثل هذه اللازمات يكونون حساسين جداً وقابلين للاستثارة بسهولة، وفي مثل هذه الحالات أيضاً لا بد من حصول الأطفال على مقدار كافي من الراحة، وعلى فترات من الهدوء في أثناء النهار. ولا بد من تطمين هؤلاء الأطفال بأن مواقف القلق والتوتر مسيطر عليها؛ لأن مشاعر التشويش والعجز تخيفهم، ولا بد من طمأنتهم بأنهم محبوبون مما يؤدي إلى حمايتهم من التوتر المرتبط بالتهديد.

 

كما لابد عند بداية ظهور اللازمات من تعليم الأطفال كيف يسيطرون على قلقهم، وكيف يسترخون حتى يشعروا بالهدوء. وهذه الطريقة مفيدة مع الأطفال المتوترین والقلقين بشكل واضح، وهنا يمكن تدريب الأطفال على كيفية إرخاء العضلات إرخاءً تاماً. وفي بعض الحالات التي يجد فيهاالأطفال صعوبة في إرخاء عضلاتهم يمكن تدريبهم على أن يقوموا بشد عضلاتهم ببطء ثم يرخوها بعد ذلك ببطء تدريجي حتى تسترخي تماماً، ويستمرون في حالة الاسترخاء لفترات تزداد طولاً. ويمكن استخدام ساعة الوقف لضبط الوقت مما يساهم في بقائهم ساكنين لفترات تبدأ من عشر ثوان، ثم تزداد بمقدار عشر ثوان في كل مرة لتصل إلى بضع دقائق. وينصح أن يرافق الاسترخاء تخيل مناظر سارة حتى ننمي الشعور بالهدوء عند الطفل. وإذا كان بالإمكان معرفة الظروف التي تسبب الحساسية يمكن خفض الحساسية تدريجياً حيث يتم وصف أنواع المواقف التي تسبب التوتر في أثناء استرخاء الطفل، وفي كل مرة نصف له مناظر تثير التوتر أكثر فأكثر إلى أن يتمكن من الاستماع إلى هذه المواقف دون أن يشعر بالقلق. وهذا ما يساعد الطفل على أن يكون أقل حساسية لأسباب التوتر والتي يمكن أن تكون في مواقف متعددة، مثل: الحديث أمام الفصل، أو مقابلةأناس جدد، أو سماع مجادلات، أو اللعب مع الزملاء.

 

 

المكافآت ومراقبة الذات: 

 

من الطرق المفيدة في علاج اللازمة في بداية حدوثها أن تكافئ الطفل إذا قضى فترة زمنية من دون أن يقوم بها. ويمكن للآباء والمعلمين وكذلك الأشخاص المحيطين بالطفل امتداح الطفل ومكافأته عندما لا يظهر اللازمة لفترة زمنية (قد تكون عشر دقائق في البداية)، وكلما قل ظهور اللازمة زيدت الفترة الزمنية، على أن يقدم المديح أو المكافأة في نهاية هذه الفترة مثل: (حقاً أنك تبدو لطيفاً ومسترخياً اليوم، وكم هو لطيف أن أراك سعيداً وفي وضع جيد). 

 

ويمكن أن تكون الابتسامة أو لمسة الحنان مكافأة غير لفظية عند عدم إظهار اللازمة، وعندما تستمر اللازمات فإنه من المفيد إشراك الطفل في تعليم كيفية السيطرة على نفسه، والطريقة الفعالة في ذلك و مراقبة الذات التي نجحت كثيراً في حالة اللازمات البسيطة وحالات اللازمات المتعددة، مثل: لازمة توریت، وتعتمد هذه الطريقة على تدريب الطفل بضعة أيام ليصبح واعياً إلى اللازمة ويقوم بتسجيل عدد مرات حدوثها. 

 

وفي البداية يمكن أن يقوم الوالدان والمعلمون بملاحظة اللازمة وتسجيل مرات ظهورها، ويمكن أن تكون الفترات المأخوذة كعينة ما بين 10-20 دقيقة. لذا يمكن مراقبة الطفل لمدة 10 دقائق ويسجل على دفتر صغير كل مرة تظهر فيها اللازمة، مما يكون لدينا فكرة عن مدى تكرار اللازمة. وعندما يعلم الطفل كي يكون واعياً إلى اللازمة الموجودة عنده، ومرات ظهورها. فمجرد عدّد مرات ظهور اللازمة يمكن أن يؤدي إلى تناقصها بشكل واضح وإلى اختفائها تماماً وتصدق هذه الطريقة في حالة معالجة اللازمات حديثة الظهور والتي لم يمض على وجودها أكثر من بضعة أسابيع أو أشهر.

 

تعلم استجابات منافسة بديلة: 

 

تعتبر هذه الطريقة كما تشير البحوث الحديثة أكثر الطرق فعالية في معالجة اللازمات ولو أنها تحتاج إلى جهد أكبر من الطرق الأخرى. وهذه الطريقة شكل من أشكال التصحيح الزائد (Over correction). وتتلخص هذه الطريقة في تعليم الأطفال ممارسة استجابة تنافس الإستجابة الخاطئة (اللازمة) بشكل مباشر، بحيث تجعل هذه الاستجابة المنافسة الشخص أكثر وعياً بالمشكلة التي يعاني منها، وتكون متعارضة مع المشكلة بحيث لا تحدث هذه المشكلة (اللازمة) في أثناء حدوث الاستجابة البديلة أو المعارضة، وأن تستمر في البقاء دقائق دون أن ينتبه إليها الآخرون، وألا تتعارض مع النشاطات المعتادة عند الطفل. وهنا يتم إعلام الطفل بأنه سوف يقوم بممارسة سلوك يعمل على تعطيل العادة السابقة أو ينافسها. وهنا لا بد من عدم استخدام الشكوى أو التوبيخ إطلاقاً. 

 

فلمعالجة لازمة أرجحة الرأس مثلاً، يتم الإمساك بالذقن لمنع حركتها وخفضها للأسفل بشكل غير ظاهر بقدر الإمكان، بحيث يتم إحداث توتر العضلات مع بقائها في حالة سكون قدر الإمكان، وفي حالة ارجحة الأكتاف تثبت الأكتاف للأسفل بقوة. وفي حالة رمش العين أو الارتعاش يتم إحداث العضلات المعارضة للعين أو الخد، أو أن تقوم بالارتعاش بشكل طوعي والاحتفاظ بالعين مفتوحة على سعتها ما بين الرمشات. وفي حالة أصوات الحنجرة المختلفة، فإن التنفس الهادىء هو الاستجابة المنافسة، على أن يبقى الفم مفتوحاً بشكل بسيط، وتتم ممارسة التنفس الهادىء بحيث لا يكون هناك انقطاع لتدفق الهواء دخولاً وخروجاً، وهو شبيه بالتنفس الإيقاعي في أثناء السباحة، حيث يكون التوقف عن التنفس غير مناسب. 

 

 

العلاج بالعقاقير: 

 

لقد تم وصف عقاقير متنوعة لمعالجة اللازمة البسيطة، بالرغم من أن البعض يرى أنها ذات فائدة محدودة ويخشون من استخدامها. وتتضمن العقاقير المستخدمة ما يلي: 

 

• بيتروفيتونز (Butyrophenones).

• فينوثيازينز (Phenothiazines).

• وميثيل فینیدایت (Methyl Phenidate).

• ودکسترو أمفيتامين (Dextroamphetamine).

• والهالوبيريدول (Haloperidol)، وهذا العقار الأخير كان ناجحاً في علاج اللازمات البسيطة واللازمات المتعددة في لازمة توربيت. وذكرت التقارير أن استخدام (هالوبيريدول) مع الأطفال والمراهقين أظهر تحسنأ بمقدار 80% عند من يعانون من متلازمة توربيت.

 



المصادر:


الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.