القائمة الرئيسية

الصفحات


 التقلص اللا إرادي عند الأطفال ومظاهره:


اللازمات العصبية أو التقلص اللاإرادي في العضلات (Tics):

اللازمات العصبية أو التقلص اللاإرادي في العضلات (Tics):

 

 

اللازمة هي عبارة عن تقلص في العضلات المخططة، تحدث فجأة ولفترة محددة. كما تتميز بأنها لا إرادية وليس لها هدف واضح، وتحدث بشكل قهري. وتكون عادة في أحد الأطراف العلوية أو في الوجه، وتظهر على شكل رمش العين، ورفع الجفون، أو تحريك الرأس أو الرقبة بشكل فجائي، أو تحريك الأنف أو جوانب الفم، أو تحريك الكتف، وكذلك تغضين الجبهة، ولي الفم بعنف، وقد تشمل كل جزء من أجزاء الجسم تقريباً في الحالات المتطرفة. 

 

وهناك أيضا اللازمات اللفظية والتي تظهر على شكل أصوات متكررة (أي ترديد عبارات بشكل متكرر) مثل: 

 

-انت تعرف!

-أليس كذلك!

 

واللازمات العصبية غير مؤلمة ولا تؤدي إلى تلف في العضلات (ضمور). ولهذا نرى بأن اللازمة العصبية عبارة عن ظاهرة نفسية - جسمية تظهر على شکل تقلص في العضلات أو على شكل تکرار ترديد عبارات معينة بصورة فجائية وبشكل قهري ولا إرادي دون أن يكون لها هدف واضح، وتستمر لفترة تطول أو تقصر. والملاحظ بأن الأطفال الذين يعانون منها غالباً ما يكونون قلقين واعين لذواتهم وحساسين، وعنيدين وشديدي الاعتماد على الآخرين. 

 

وأظهرت الدراسات أن حوالي 1% تقريباً من مجموع السكان يعانون من اللازمات العصبية، وأكثر فترات حدوث هذه اللازمات ما بين 6- 12 سنة، حيث يعاني 0.1% من الأطفال منها، وتبلغ ذروة انتشارها ما بين 7-9 سنوات. ومما هو جدير بالذكر فإن مستقبل هذه اللازمات على المدى الطويل مطمئن حيث أنها تستمر فقط مع 6% من الأطفال حتى سن الرشد. ولكن الأمر غير مطمئن عند من يعانون من لازمات متعددة.

 

ومن الملاحظ أن هذه اللازمات العصبية أكثر انتشار عند الأطفال في حالة التوتر، وكثيراً ما تصاحب بعض الأمراض المعدية الحادة، وكذلك عند ذوي الخبرات الانفعالية المؤلمة والشديدة بعد سن الثالثة من العمر . وهذه اللازمات لا تظهر في أثناء النوم. 

 

وقد أثبتت الدراسات أن حوالي 50% من الأطفال الذين يعانون من لازمات وتشنجات ورفض عصبي يظهر رسم الموجات الكهربائية الدماغية عندهم انتشاراً غير طبيعي، وهذا يعني أن موجاتهم الدماغية لا تعمل بشكل طبيعي، إلا أنه لا توجد نتائج هامة يمكن أن تشير إلى وجود ورم دماغي او آفة صرع. 

 

وظهور اللازمة يجب أن ينظر إليها بشكل جدي كظاهرة نفسية جسمية حدثت بسبب خطأ تطور النمو الحركي. فهي تظهر على شكل إيقاف غير متناسق؛ لأنها تظهر فجأة وبشكل لاإرادي. 

 

وتظهر اللازمة الحركية أو اللفظية عند الإناث في بداية ظهور العادة الشهرية نتيجة نقص في المعلومات لدى الفتاة عن هذه العادة.

 

ولا بد من التمييز بين اللازمات وغيرها من الأعراض المتصلة بالأعصاب مثل التقلصات اللاإرادية للعضلات، والرعشات. كما لابد من عدم الخلط بين التقلصات الناتجة عن الهستيريا التحويلية، وعصاب الوساوس القهرية، والاضطرابات الشديدة في الشخصية والتي تكون في الغالب لاإرادية بحكم كونها قهرية. ولكن يجب الانتباه إلى أن اللازمات تقع دون وعي المريض بها، في حين أن الفرد يكون واعياً في التصرفات القهرية، ولكنه عاجز عن التحكم بها. كما أن اللازمات تقاوم معظم أشكال العلاج النفسي، على عكس الوساوس القهرية، والاضطرابات الهستيرية التي تستجيب لهذا العلاج.

 

الأسباب: 

 

تنتج اللازمات العصبية عن مجموعة واسعة ومتشابكة من الأسباب غير أن أكثر هذه الأسباب بروز ما يلي: 

 

1.أسباب نفسية.

2.أسباب بيئية اجتماعية.

3.أسباب عضوية.

 

 

الأسباب النفسية:

 

تظهر اللازمات العصبية في ظروف عدم التوتر، ولكن زيادة التوتر تؤدي عادة إلى زيادة تكرار اللازمات. فالضغوط النفسية التي يواجهها التلميذ في المدرسة والناتجة عن عدم قدرته على تلبية جميع المطالب المفروضة عليه، هذا الشعور بعدم الكفاءة المصحوب بمشاعر الارتباك والخجل قد يؤدي إلى تطوير اللازمات عنده، فاللازمات يمكن اعتبارها استجابة جسمية طبيعية للتوتر. وقد دلت الدراسات أن العديد من الأطفال يستجيبون لانتقادات المعلم على اعتبارها خبرة انفعالية سلبية جداً، إذ كثيراً ما تتطور اللازمة في جو صفي متوتر. 

 

كما تتطور اللازمات العصبية عند الأطفال نتيجة سلوك المضايقة والمنافسة التي يقوم بها الزملاء في المدرسة التي لا يستطيع البعض التكيف بشكل مناسب مع مثل هذه المواقف، فهم بحاجة إلى هؤلاء الزملاء من أجل الصحبة، ولكنهم في الوقت نفسه يشعرون بالتوتر المستمر نتيجة لصحبتهم. بالإضافة إلى ذلك فقد تتطور اللازمات عند الطفل نتيجة صدمة انفعالية يتعرض لها. لذا فإن الفقدان المفاجيء لشخص عزيز (موت)، أو رحيل أحد الأقارب الحميمين (أب أو أم) يؤدي إلى ردود فعل عصبية - عضلية تتجلى على شكل الازمات أحياناً. 

 

بالإضافة إلى ذلك فإن أي خبرة مخيفة قد تؤدي إلى الانسحاب الدفاعي لبعض المجموعات العضلية. وقد يكون الارتعاش (اللازمات) متنفساً للتوتر العضلي، أو قد يصبح نشاطاً مألوفاً يؤدي إلى صرف الانتباه عن الأمور غير السارة إلى حد ما. والأساس في ذلك أن الحركة تصبح عادة يتم القيام بها بشكل متكرر، ويؤدي هذا إلى تقوية عضلات محددة وإلى ضعف العضلات المعاكسة وبالتالي تصبح اللازمة قوية ومن الصعب التوقف عنها. 

 

لذا فإن رمش العين المتكرر مثال على اللازمات والتي تظهر نتيجة خوف الأطفال عند رؤيتهم حادثة ما. فالرمش هو رد فعل انعکاسي للخوف يحاولون به إبعاد النظر عن المنظر المخيف، وبعدئذ يتسبب الرمش الزائد عن الخوف البسيط، ويصبح الرمش المتكرر عادة عامة يظهر حتى في حالة الاسترخاء. 

 

كما أن الرغبات القوية غير المعبر عنها تسبب اللازمات، حيث أن أكثر مصادر الصراع شيوعاً هي الرغبات الجنسية أو العدوانية غير المقبولة، حيث يقع الطفل في صراع بين رغبته في التعبير عن رغباته وعدم رغبته في ذلك بسبب القيم الشخصية أو الاجتماعية، ومثال ذلك الخوف من التعبير المباشر عن الغضب الذي يتطور ليصبح لازمة لفظية مثل صوت النخر (أو تنظيف الحنجرة) وكلمات 

السباب والشتائم و إزعاج الناس بذلك، وهي طرق رمزية للتعبير عن مشاعر القلق. 

 

أما حركة أرجحة الكتف أو الذراع فيمكن أن تكون طريقة رمزية للتعبير عن بعض أشكال حركات الضرب فبدلاً من ضرب الغير تصبح الحركة اعتياد البدء ثم التراجع عن ضرب الآخرين. 

 

أما أرجحة الرأس فقد تكون طريقة رمزية لقول (لا) للكثير من المطالب التي تبعث على التوتر أو لنقض الأفكار السيئة.

 

الأسباب البيئية الاجتماعية: 

 

إن علاقة الطفل بوالديه والجو المحيط بها بوجه عام وما يسوده من التوتر والقلق وبعض العصبية والنشاط الزائد غير المنظم يمكن أن ينعكس على شكل اللازمات عند الطفل، وعادة ما نجد هذه العادات موجودة عند الطفل وعند والديه أو أحدهما. 

 

فالأبوان قد يمثلان نماذج يمكن تقليدها، ومثال ذلك: ظهور اللازمات عند الأطفال (خاصة عند من هم دون سن السادسة من العمر) الذين يعاني آباؤهم مثل هذه اللازمات أو أشكال أخرى منها. وفي الغالب تظهر اللازمة عند الطفل الذي اشترك في تربيته أشخاص كثر، ويوصف سلوك الطفل بالخجل في البيت والمدرسة، وفي أثناء ممارسته للألعاب الرياضية، حيث يظهر عدم التناسق في الحركات. 

 

كما تظهر اللازمة عند الطفل الذي يعاني من تأخر دراسي نتيجة عدم القدرة على تأكيد ذاته بين زملائه، أو أن يقوم برد الفعل المناسب، فالفعل يكبت الغضب ولا يظهر غيرته، ويكبت عدوانه تجاه زملائه، فتظهر اللازمة لتعبر عن حالته العامة. 

 

كما أن توقعات الوالدين غير الواقعية والمبالغ فيها من الأسباب التي تؤدي إلى شعور الطفل بالضغط، وإلى حدوث اللازمات العصبية عنده كتنفيس عن هذا الشعور . 

 

كما قد يعزز الوالدان هذه الاستجابات عند الأطفال عن غير قصد، كأن يظهروا مزيداً من العطف والتعاطف أو الاهتمام أو الانزعاج أو الغضب حين تظهر عند الطفل استجابة اللازمات. وكلما زاد الاهتمام من قبل الوالدين بسلوك الارتعاش عند أطفالهم كلما زاد تعقد المشكلة، لذا فإن انتشار اللازمات العصبية عند الأطفال يكون أكثر عندما يكون الأبوان متزمتين وصارمين ولديهما قلق مرتفع؛لأن هذه الخصائص تمثل نموذجاً يقتدي به الأطفال. فالعقاب والانتقادات التي تتكرر باستمرار للطفل تؤدي إلى جو مشحون بالتوتر وتكون النتيجة ظهور اللازمات عند الأطفال. كما أن إعاقة حركة الطفل، ومنعه من التعبير عما يريد من العوامل التي تؤدي إلى حدوث اللازمة. 

 

 

الأسباب العضوية: 

 

يعتقد أن اللازمات العصبية تنتج عن ضعف في الجهاز العصبي المركزي؛ ولهذا لابد من التمييز بين اللازمات العصبية وكل من: التشنج، والارتجاف، والرقص العصبي الناتجة عن أسباب عضوية. فالفحص الطبي يكشف عن هذه الأمراض مثل: (رقصة القديس فينوس، أو الحمة الرثية أو الروماتزمية والتي تسبب حركات متكررة).


المصادر:


الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.