القائمة الرئيسية

الصفحات





اضطرابات الكلام:

يعتبر الكلام من أهم وسائل الاتصال الاجتماعي، فهو يعبر عن نشاط اجتماعي يصدر عن الفرد. وتدخل فيه عدة توافقات عصبية دقيقة مركبة يشترك في أدائها مركز الكلام في المخ الذي يسيطر على الأعصاب، وهذه تقوم بتحريك العضلات التي تقوم بإخراج الصوت. كذلك تشترك الرئتان والحجاب الحاجز، إذ تقوم الرئتان بتعبئة الهواء وتنظيم اندفاعه، ومرور الهواء على الأوتار الصوتية وداخل الحنجرة والفم والتجويف الأنفي تحدث تشكيلات مختلفة من الأصوات. 

 

وقد يلاحظ عند الفرد اضطراب في الكلام والذي يبدأ أحياناً لدى الطفل في سن مبكرة، وقد يختفي هذا الاضطراب مع نمو الطفل أحياناً. ولكن في أحيان أخرى تستمر لدى البعض هذه الاضطرابات على الرغم من تقدمهم في العمر، وقد يتطور عند البعض الآخر إلى مرض يستدعي تدخلاً طبياً وليس نفسياً فقط. 

 

يصنف اضطراب الكلام علمياً وطبياً على أنه من المشكلات النفسحركية (النفسية - الحركية) التي تبدأ بالظهور عادة في مرحلة الطفولة. ويرى الباحثون أن الطفل المصاب قد تظهر عليه أعراض لأمراض جسمية ونفسية أخرى، مثلاً: ظاهرة تحريك اليدين، أو القدمين، أو الكتفين، أو الضغط على الأسنان، أو ركل الأرض أو الضغط عليها.

 

كما قد يعاني المصاب باضطراب الكلام عادة من أمراض نفسية مثل القلق، والشعور بعدم التقبل الاجتماعي، وعدم الثقة بالنفس، والشعور بالخجل، والشعور بالنقص مما يولد شعوراً بحب العزلة والانزواء وحده، والخجل والانطواء المصحوب بالتوتر النفسي. 

 

ولكن هناك حالات من المرضى المصابين باضطراب الكلام التي تصمد أمام التحدي المرضي والنظرة الاجتماعية، فيتولد لدى الطفل المصاب الدافع لبذل مزيد من الجهد وممارسة التحدي حتى يصبح متفوقاً على زملائه.

 

وتأخذ اضطرابات الكلام العديد من الأنماط عند الأطفال، فقد تكون على شكل تأخراً في بدأ الطفل بالكلام، أو صعوبة إخراج مقاطع الكلمات، أو فقط بعض الحروف، أو عدم تطور تحصيل الطفل من الكلام أو قد تكون على شكل المشكلة الأكثر شيوعاً وحدوثاً بين مشكلات اضطراب الكلام ألا وهي التأتأة أو اللجلجة.

 

وسوف نتحدث عن التأتأة بشكل مبسط في هذا المقال، وسيتم تناولها بمقال مفصل آخر؛ لأنها تعد أكثر مشکلات الكلام حدوثاً.

 

فالتأتأة أو اللجلجة: وهي عبارة عن اضطرابات كلامية تتجلى على شكل تقلص الكلام مصحوب بتكرار غير مرغوب، ووقفات في مجرى الكلام، وتكون إما على شكل ترددي، أو تشنجي، وتحدث في سنوات بداية التكلم، وقد تستمر حتى مرحلة البلوغ. وتشير الدراسات إلى أن حوالي نصف الأشخاص المصابين بالتأتأة أو اللجلجة هم من الأطفال.

 

والتأتأة تكون عادة في سن الثالثة أو الرابعة من العمر وذلك في أثناء اكتساب الطفل للكلام أو في سن الخامسة عند دخوله المدرسة الابتدائية، حيث تكون هناك منافسة بينه وبين زملائه، وأحياناً تحدث في سن المراهقة خاصة عند الحديث مع الجنس الآخر. 

 

كما تدلّ الدراسات الحديثة أن بعض أشكال التأتأة في الكلام يكون شائعاً بين صغار السن من الأطفال ويدعی و بالتأتأة التطورية، وتظهر عادة ما بين سن الثانية والرابعة من العمر، وتستمر إلى بضعة أشهر فقط، أما التأتأة المعتدلة فتبدأ في عمر 6 - 8 سنوات وقد تستمر لمدة سنتين أو ثلاث سنوات. 

 

أما التأتأة الدائمة فتبدأ ما بين سن الثالثة والثامنة من العمر، وتستمر إلا إذا عولجت بأسلوب فعال. 

وتعتبر التأتأة التي تظهر بعد سن الخامسة أكثر خطورة من التأتأة التي تظهر في سن أبكر. 

 

ومن الواضح أن التأتأة تظهر في معظم الأحيان ما بين الثانية والخامسة من العمر، فهناك حوالى 4% من مجموع أطفال هذه الفئة العمرية يعانون من التأتأة، ومع وصول سن المدرسة الابتدائية نجد أن 3-81% تقريباً من الأطفال يتلعثمون، وهناك إحصائية تشير إلى أن 70% من أطفال العاشرةالذين يتلعثمون يستمرون في تلعثمهم مدى الحياة. 

 

كما تشير الإحصاءات إلى أن 80% من المتلعثمين في مرحلة الطفولة لا يتلعثمون وهم راشدون، إلا أن الكثيرين منهم تتطور لديهم مشکلات شخصية مثل الخجل والانسحاب والافتقار إلى الثقة بالنفس بسبب خبرتهم السابقة. 

 

كما اشارت تلك الإحصاءات إلى أن 50% من الأطفال الذين يتلعثمون بشدة يستمرون بالتلعثم الشديد في الكبر. 

 

وتشير الدراسات أيضاً إلى أن نسبة المتلعثمين من الذكور من جميع الأعمار تبلغ 4 - 8 أضعاف نسبة المتلعثات من الإناث بالرغم من عدم ارتباط التأتأة بالذكاء والوضع الاقتصادي والاجتماعي. وفي إحدى التقارير وجد أن 10% من النساء المتلعثمات يقابلهن 90% من الرجال المتلعثمين، وأحد الأسباب هو تعرض الرجال للإثارة أكثر من النساء.

 

كما دلت الدراسات والبحوث الحديثة على انتشار التأتأة بين المصابين بأمراض نفسية وعقلية بنسبة 0.5 بالمئة وذلك من بين المترددين على عيادات الطب النفسي بالجامعة. 

 

وسيتم مناقشة أسباب التأتأة العضوية والنفسية والبيئية في مقالة لاحقة مفصلة، كما سيتم أيضاً التطرق إلى علاجاها الطبي - العضوي، والنفسي والتشجيعي - التنموي، والأهم طرق الوقاية منها فالوقاية خيرٌ من العلاج!

 



المصادر: 

الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.