القائمة الرئيسية

الصفحات



فرط النشاط أو النشاط الزائد: 


مفهوم النشاط الزائد ومظاهره:

 

 

يعرف  النشاط الزائد بأنه حرکات جسمية تفوق الحد الطبيعي أو المقبول. إنه متلازمة مكونة من مجموعة اضطرابات سلوكية تنشأ نتيجة أسباب متعددة نفسية وعضوية معاً. 

 

فالنشاط الزائد عبارة عن حركات جسمية عشوائية وغير مناسبة تظهر نتيجة أسباب عضوية أو نفسية، وتكون مصحوبة بضعف في التركيز وقلق وشعور بالدونية وعزلة اجتماعية. فالشيء الهام الذي يجب الانتباه إليه هو أن النشاط الزائد يظهر من خلال النشاط غير الملائم وغير الموجه بالمقارنة مع سلوك الطفل النشط الذي تتم فعالياته بأنها هادفة ومنتجة. فكثيراً ما يذكر الأبوان بأن طفلهما لا يستقر ولا يهدأ، وأنه دائم التجوال في المكان، حيث يتسلق الجدران، ويتكرر فشله في إتمام المهمات الموكلة إليه .وقد ذكر في إحصائيات أجريت في إنجلترا أن هناك ما يقرب من 30% من الأطفال يوصفون بفرط النشاط من قبل ذويهم.

 

ولكن الشيء المهم هو نوع النشاط الذي يوجد عند الطفل وليس مستویالنشاط ذاته، فالعشوائية في النشاط والسلوك غير الموجه نحو هدف، وعدم الامتثال للنظام، مثل نظام الصف، أو مواعيد طعام الأسرة هو المعيار الذي يمكن من خلاله أن نحكم على النشاط الزائد عند الطفل والذي يعتبر من المشكلات اليومية التي تعاني منها الأسرة والمدرسة. 

 

وقد أظهرت الدراسات أن النشاط الزائد يكثر عند الذكور وعند أبناء الطبقات الفقيرة عما هو عند الإناث وأبناء الطبقات الغنية. ودلت الإحصاءات أن حوالي 5 % - 10% من جميع الأطفال لديهم نشاط زائد، وأن حوالي 40 % من الأطفال يُحالون إلى عيادات الصحة النفسية نتيجة فرط النشاط.

 

والجدير ذكره أن فرط النشاط واسع الانتشار، ويعتبر أمراً طبيعياً عند أطفال عمر السنتين إلى ثلاث سنوات، وهو منتشر أيضاً عند الأطفال الأذكياء جداً والذين يميلون إلى الاستكشاف وحب المعرفة مما يعرضهم للانتقاد من قبل الراشدين. 

 

 

ولهذا يجب عدم التسرع والحكم على الطفل بأن ما يوجد لديه من نشاط زائد يدل على اضطراب في السلوك إذ غالباً لا يكون كذلك. فالطفل بطبيعته يكون ذو طاقة زائدة ولا بد أن يتحرك، ويلعب، وقد يسبب الأذي أحياناً (بدون قصد) مما يجعل هذا السلوك غير محتمل عند الأم المكتئبة، أو في الأسر الكثيرة الأولاد، أو بالنسبة إلى الأم ذات الاستعداد الوسواسي المسبق. 

 

ومن الملاحظ أن النشاط الزائد عند الأطفال يتناقص تدريجياً مع النمو في العمر ويكون أقل بشكل واضح في سن المراهقة، إلا أنه قد يستمر لدى البعض حتى سن الرشد مصحوباً بضعف القدرة على التركيز .

 

الأسباب: 

 

الأسباب المحتملة في تفسير النشاط الزائد عند الأطفال كثيرة ومتشابكة ولكن يمكن إيضاحها وتلخيصها فيما يلي: 

 

• الأسباب العضوية.

• الأسباب النفسية.

 

الأسباب العضوية:

 

يتصف الأطفال زائدو النشاط بانخراطهم في كل موقف يتواجدون فيه، ولكن يتميز سلوكهم بانتباه ضعيف وقصير المدة (عدة ثوان)، وتشتت في الأفكار، كما أنهم يظهرون انبساطية اجتماعية، ويتميزون أيضاً بسلوك اندفاعي أهوج غير مسؤول. ويكثر هذا الاندفاع عند المصابين بداء الصرع، والاضطرابات العصبية، وعند المتأخرين عقلياً، وعند الأطفال الأسوياء العصبيين. وهنا يمكن القول بأن المزاج الموروث من الوالدين يمكن أن يكون له دور هام في تفسير هذا النشاط. 

 

كما يعتقد أن من يعانون من خلل وظيفي في الدماغ تظهر لديهم  حالات فرط النشاط. كما أن فرط النشاط قد ينشأ من الصدمات على الرأس أو نتيجة التسمم مثل الانسمام الدرقي، وداء رقص سایدنهایم.

 

كما أن التسمم بالرصاص يزيد من النشاط نتيجة الخلل الذي يحدث في الدماغ. إلا أن التأثير السمي تحت السريري بالرصاص لا زال غامضة وغير واضح. 

 

كما بينت الدراسات أيضاً أن الأطفال ذوي النشاط الزائد تظهر لديهم موجات في التخطيط الكهربائي للدماغ غير منتظمة، وقد تكون لديهم اضطرابات في إفراز الغدد، أو ورم في الدماغ. 

 

 

الأسباب النفسية:

 

هناك أيضاً أسباب نفسية كامنة وراء النشاط الزائد عند الأطفال نذكر منها ما يلي: 

 

أ- القلق: وهو كثير الحدوث وظاهر عند الأطفال زائدي النشاط، حيث أن الهياج وعدم الاستقرار يظهران في سلوك هؤلاء الأطفال. 

 

ب- وجود الطفل في مؤسسات اصلاحية لمدة طويلة والذي ينعكس أحياناً على تكيفه وتوافقه مع الأخرين، والذي يكون غالباً تكبفاً غير سوي. 

 

ج- الرفض المستمر للطفل وإشعاره بالدونية وعدم القبول لأفعاله وتصرفاته وتحطيم معنوياته مما يجعله ينسحب إلى عالمه الخاص، ويحاول الانتقام من الآخرين. بالإضافة إلى ذلك فإن معظم الاضطرابات التي تبدو عند الأطفال والتي تكون على شكل نشاط زائد تكون عند من يتميزون بضعف الذكاء، والذي يكون متلازماً مع الضعف في التركيز (تركيز الانتباه)، والذي غالباً ما ينتج عن الإحباط الذي يصادفه هؤلاء الأطفال في التحصيل الثقافي. 

 

ولكن قد يظهر النشاط الزائد عند الأطفال ذوي الذكاء العالي والأطفال الموهوبين ولكن انتشاره يكون أكثر عند الأطفال ذوي الذكاء المنخفض، فالطفل المتميز الذكاء يظهر طاقة موجهة وهادفة، وليس نشاطاً عابثاً وغير موجه.

 

الأسباب البيئية والاجتماعية:

 

تعتبر الظروف البيئية التي يعيش فيها الطفل من العوامل المشجعة أو المثبطة للنشاط الزائد أو تفاقم الحالة لديه، أو المعززة لتنمية النشاط الهادف عنده ولهذا يمكن أن نلاحظ عدة أسباب بيئية لفرط النشاط عند الطفل نذكر منها ما يلي: 

 

 

 

أ. سوء العلاقة بين الطفل ووالديه أو بينه وبين الأخرين بشكل عام، والذي قد ينجم عن صعوبات في تكيفه مع هؤلاء أو حدة طبعه، مما يترتب عليه ردود فعل مختلفة من الوالدين بشكل خاص والآخرين بشكل عام. 

 

ب. ثم إن العلاقات الأسرية المفككة والتي يكثر فيها الخصام، أو قد تؤدي إلى الطلاق تجعل الطفل حائراً وكثير التفكير في مثل هذه المشكلات مما يشتت انتباهه عند تكليفه بالجهات المختلفة، ويجعله طائشاً لا هدف له من وراء الأفعال التي يقوم بها. 

 

ج. كما أن الرفض المستمر للطفل نتيجة الخلافات بين الوالدين يجعل الطفل ضحية هذه الخلافات ويؤدي به إلى الهروب من مثل هذه الأجواء، وفي الغالب يصبح طفلاً متهوراً في أفعاله وأقواله؛ لأن التوجيه الوالدي غير موجود، وكذلك التعزيز للسلوك السوي غائب، مما يجعله يقوم بنشاطات وأفعال لا يرضى عنها المجتمع.

 

 




المصادر:


الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.