علاج التبول اللا إرادي:
العلاج الطبي للتبول اللا إرادي:
بعد التأكد من سلامة الطفل جسدياً تعالج مشكلته على أنها حالة تبول لا إرادي وظيفي، وذلك باستخدام العلاج النفسي. ومن أهم أساليب العلاج النفسي في حالات التبول اللاإرادي ما يلي:
أ- العلاج بالاستبصار:
يقوم هذا النوع من العلاج على أساس تبصير الطفل بمشكلته وأسبابها وتبصيره بصراعاته النفسية ليتمكن من حل الصراعات ومواجهة الإحباط.
لا بد من علاج الطفل الذي يعاني من التبول اللاإرادي طبياً إذا كانت أسباب مشكلته تتعلق بالناحية العضوية. ومن المتوقع أن يكون تجاوب الطفل مع العلاج الطبي سريعاً إذا كان سبب التبول اللاإرادي عضوياً، ويكون العلاج الطبي باستخدام الأدوية، أو اللجوء إلى العمل الجراحي أحياناً. وأن استخدام الدواء ضروري في الحالات التي تعاني من نوم عميق. كما يمكن استخدام الأدوية المقوية للجهاز السمبثاوي والتي تخفض من النوم العميق مثل (البلادونا، و اللايثالين) وهذه الأدوية تزيد من قدرة المثانة على الاحتفاظ بكميات كبيرة من البول.
كما يمكن استخدام العقاقير المضادة للاكتئاب مثل: التوفرانيل، والتريبتيزول بكميات تتراوح بين ٢٥ - ۸۰ ملغم يومياً. وتكون هذه العقاقير مضادة للأعصاب الباراسمبثاوية، وتقوي الأعصاب السمبثاوية وتقلل من القلق والاكتئاب اللذين يعاني منهما الطفل. وتساعد على تشكيل الفعل المنعكس الشرطي وهو اليقظة عند امتلاء المثانة بالبول. وفي هذه الحالة لا بد من استمرار العلاج لمدة لا تقل عن أشهر للتأكد من سلامة الفعل المنعكس الشرطي الجديد.
كما يعمل المعالج على تنمية ثقة الطفل بنفسه، وتحسين علاقته بنفسه وبالآخرين، وإلى تنمية دوافعه لاكتساب السلوك المقبول في عمليات الإخراج، وغرس الثقة بإمكاناته، وقدرته على التخلص من هذه المشكة؛ وذلك لضمان استمرار إقباله على العلاج.
ولا يكتفي المعالج بتبصير الطفل بحالته، بل يعمل على توجيه عناية الوالدين والمحيطين بالطفل من إخوة ومدرسين، وتبصيرهم بالمشكلة وأسبابها ومسؤولياتهم في العلاج حتى يشعر الطفل بالأمن والطمأنينة والتقبل. ويدرك مكانته وكفاءته مما يخفف عنه مشاعر القلق والذنب.
ب. العلاج السلوكي:
يعتبر هذا العلاج من الأساليب الحديثة في علاج التبول اللا إرادي. وتقوم فكرة العلاج السلوكي على أساس أن الطفل قد اكتسب هذه المشكلة نتيجة عدم تدريبه الصحيح على عمليات الإخراج. ويهدف هذا النوع من العلاج إلى إعادة تربية الطفل صاحب المشكلة، وتدريبه بطريقة صحيحة. وقد ثبت نجاح هذا الإسلوب في علاج كثير من الأطفال بجهد قليل ووقت قصير، ودون أن يكون له آثار جانبية سيئة. وأهم طرق العلاج السلوكي في علاج حالات التبول اللا إرادي، ما يلي:
1.التعلم الإجرائي: وهذه الطريقة ترتبط باسم (سكنر) في التعلم الإجرائي منذ عام ١٩٥٠ والتي استخدمت في علاج حالات التبول اللا إرادي. كما سميت هذه الطريقة طريقة التعزيز الإيجابي، وتقوم على أساس تدريب الطفل على عمليات ضبط المثانة بتعزيز السلوك المقبول وعدم تعزيز السلوك غير المرغوب فيه حتى يتعلم الاستجابة الصحيحة وتختفي المشكلة. ومن أهم أساليب التعلم الإجرائي ما يلي:
أ. لوحة النجوم: ويكون بالطلب إلى الطفل الاحتفاظ بسجل الأيام المبللة، والليالي الجافة. ويتم إبراز الليالي الجافة على اللوحة بوساطة نجوم ذهبية، وأن يعطى الطفل مكافأة على الليالي الجافة كأن يقضي الوالد معه فترة إضافية من الوقت عند كل مرحلة من التحسن، ويقوم الوالدان بالثناء على الطفل. أما بالنسبة إلى الليالي المبللة، فيتجاهل الوالدان ذلك. وقد وجد أن لوحة النجوم فعالة مع صغار المتبولين لا إرادياً.
ب. الاحتفاظ بالبول: لقد دلت الدراسات على أن عدداً من المتبولين لا إرادياً غير قادرين على الاحتفاظ بكمية طبيعية من البول في المثانة. لذا فأن تدريب الطفل على احتمال كميات أكبر من البول في المثانة، يمكن أن يؤدي إلى زيادة قدرة المثانة على الاستيعاب، ويكون ذلك إما بتعليم الطفل التحكم بمثانته نهاراً بتحويل الأمر إلى لعبة شيقة، حيث يستمر الطفل في إطالة فترة تحكمه بالمثانة وتسجيل الكمية التي استطاع الاحتفاظ بها، أو أن يطلب من الطفل التوقف عن إنزال البول في أثناء عملية التبول ومن ثم يطلقه في أثناء النهار عدة مرات مما يؤدي إلى تقوية عضلة المثانة ويساعد على الشفاء.
التعلم الشرطي:
أ - طريقة الجرس والوسادة:
بدأ استخدام العلاج السلوكي بالتعلم الشرطي في الثلاثينات من القرن العشرين عندما قام مورر ومور (Mowrer & Mowre) بعلاج حالات التبول اللاإرادي بطريقة الجرس والوسادة. وهذه الطريقة من الطرق الناجحة في علاج هذه الحالات، فبعد استخدام هذا الأسلوب لمدة شهرين أو ثلاثة ينجح حوالى 70% من الحالات. أما الحالات الأخرى فإن معاودة استخدام الجهاز مرة أخرى ينهي في العادة الانتكاس.
يتكون الجهاز من وسادة رقيقة خاصة للتدريب توضع فوق سرير الطفل وتحت الطفل مباشرة، بحيث عندما تبلل ليلاً يغلق دارة كهربائية، مما يؤدي إلى رن الجرس وإضاءة مصباح مما من شأنه إيقاظ الطفل وأخذه إلى الحمام.
وعندما يتعلم الطفل ضبط المثانة بهذه الطريقة ترفع الوسادة والجرس. وبعد استخدام هذه الطريقة لمدة أربعين سنة تبين نجاحها في علاج 70 - 90% من حالات التبول اللاإرادي غير الناجم عن أسباب عضوية.
ب - كما استخدم التعلم الشرطي عن طريق إيقاظ الطفل ليلا (Night time Awakening)، وتكون الخطوة الأولى بتحديد الوقت الذي يبلل فيه الطفل عادة فراشه كل ليلة ثم ضبط ساعة منبه بحيث ترن في غرفة الطفل قبل وقت التبول بقليل مما يؤدي إلى إيقاظ الطفل وذهابه إلى المرحاض، ومن ثم يعاود النوم حتى الصباح. وبعد مرور سبع ليال متتالية بدون تبول على الفراش بهذه الطريقة يتم ضبط المنبه لينطلق بعد مرور ساعة ونصف من ذهابه إلى النوم ثم بعد 60 دقيقة بعد النوم، ثم تخفض إلى 45 دقيقة، وأخيراً بعد 30 دقيقة. وبعدها على الطفل أن يتعود الذهاب إلى المرحاض بدون المنبه كل ليلتين مرة حتى يلغي استخدامه تدريجياً.
خفض القلق:
قد يكون التبول اللاإرادي ظهر فجأة من جديد بعد أن يكون الطفل قد أمضى فترة من الوقت دون أن يتبول في فراشه. وهنا لا بد من البحث عن الحادث الذي أثار قلقه قبل استئناف هذه الحالة مثل: ولادة مولود جديد في الأسرة، أو الانتقال إلى منطقة جديدة، أو حدوث شجار عائلي، أو غياب أحد الوالدين لفترة طويلة. وهنا لا بد من العمل على خفض القلق بتوجيه مزيد من العناية والرعاية والدعم والتفهم للطفل، وتوفير جو من الأمن والطمأنينة في حياة الطفل حتى تزول أسباب القلق.
ولا بأس من الجلوس مدة 10 - 15 دقيقة والحديث مع الطفل حديثاً يبعث على الاطمئنان والارتياح مما يجعله ينام وهو في حالة استرخاء. ومن الممكن أيضاً قضاء وقت أطول معه في أثناء النهار، وفي هذا الوقت يمكن الكشف عن جوانب الصراع والتوتر اللذين يعاني منهما الطفل والعمل على حلها أيضاً.
فرض عقاب على الطفل:
يقوم بعض الآباء بالطلب من الطفل في سن المدرسة والذي لم يتخلص من التبول اللاإرادي ليلاً أن يقوم بتغيير الشراشف المبللة، ووضعها في الغسالة دون توبيخ الطفل أو تأنيبه وإشعاره بالذنب.
استبعاد السوائل:
لا بد من استبعاد السوائل مثل: اللبن والماء والعصير وماء الشعير من طعام الطفل بعد الساعة الخامسة مساء، والذهاب إلى الحمام قبل النوم وبعد الاستيقاظ مباشرة.
المصدر:
الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.