القائمة الرئيسية

الصفحات



 التوافق النفسي والاجتماعي وأثره في شخصية الطفل:

 

مفهوم التوافق النفسي والاجتماعي: 

 

إن ظروف الحياة في حالة تغير مستمر، وهذا ما يضطر الكائن الحي إلى تعديل استجاباته كلها إذا تغيرت ظروف البيئة التي يعيش فيها، كما يضطر أحياناً إلى إحداث تعديل أو تغيير فيها. وهذا يعني بأن الحياة تتضمن القيام بعمليات التوافق بشكل مستمر.

 

ویری دسوقي أن علم النفس هو علم دراسة التوافق. وما دام الكائن الحي قادراً على القيام بهذا التوافق المستمر، فهو يستطيع الحياة والبقاء. أما إذا عجز عن القيام بهذا التوافق فسيؤدي إلى الاضطراب والمرض، وقد يؤدي إلى الهلاك. 

 

وبما أن التوافق يتطلب تغييراً في سلوك وتفكير واتجاهات الشخص، فهذا يفرض عليه أن يكون على درجة كبيرة من المرونة والقابلية للتعديل والتغيير، فإذا عجز عن إشباع دوافعه تعرض للإحباط والفشل، أما إذا اصطدمت رغباته مع رغبات المجتمع فإنه يسعى إلى استعادة التوازن والانسجامويعدل سلوكه ليتوافق مع سلوك الجماعة، وذلك باتباع التقاليد والخضوع للالتزامات الاجتماعية، أو يقوم بتغيير بعض عاداته واتجاهاته ليوائم الجماعة التي يعيش فيها، ويسمى بالتوافق الاجتماعي.

 

فالتوافق كما يراه سلوتكن Siotken مسألة معيارية مرتبطة بنوع الحضارة والثقافة التي يعيش في كنفها الفرد. فالتوافق نسبي، وهو حالة استقرار مؤقت للاتزان الحيوي والنفسي. 

 

ويؤكد شوبن Shoben نسبة التوافق، إلا أنه يضع محكاً للتوافق يقدر بمدى نمو إمكانات الفرد ومدی توظيفها وتحقيقها في الواقع.

 

فالتوافق كما يعرفه نجاتي هو النشاط الذي يقوم به الكائن الحي ويؤدي إلى إشباع الدوافع، وبهذا  المعنى يكون التوافق عبارة عن مجموعة ردود الفعل التي يعدل بها الفرد كيانه النفسي أو سلوکه لیستجیب الشروط محيطية معينة. فهو محور النمو النفسي والاجتماعي، وهو من أهم مطالب النمو العقلي والمعرفي والاجتماعي ودليل على الصحة النفسية للفرد. 

 

والتوافق الذي سنتطرق إليه في هذه المقالة سوف يتضمن المعنى النفسي والمعنى الاجتماعي.

المعنى النفسي للتوافق:

 

فالتوافق بمعناه النفسي يتضمن السعادة مع النفس والرضا عنها، وإشباع الدوافع والحاجات الأولية والثانوية، بالإضافة إلى التوافق لمطالب النمو في مراحله المتتابعة. ويعرفه زهران بأنه:

 

عملية دينامية مستمرة تتناول السلوك والبيئة الطبيعية والاجتماعية بالتغيير والتعديل حتى يحدث توازن بين الفرد والبيئة. أما الخضري فيعرفه بأنه:

 

محصلة معقدة لعلاقة جدلية بين الذات بكل خبراتها السابقة وإمكاناتها العقلنفسية وطموحاتها، وبين العناصر والمعطيات الموضوعية كما يدركها الإنسان - في المواقف المختلفة -، ويتوافق الفرد عادة مع المواقف التي يدركها على أنها ميسرة لتوظيف إمكاناته، وداعمة لتحقيق طموحاته، فالتوافق النفسي مفهوم نسبي عند الأفراد، ويختلف باختلاف الثقافات والمواقف المختلفة.

 

ولهذا واستناداً إلى ما تقدم نعرف التوافق النفسي بأنه:

 

محصلة لما يقوم به الفرد من علاقات تفاعلية مع البيئة التي يعيش فيها، والهدف منه إحداث توازن نفسي بين الفرد وبيئته من أجل ضمان نمو إمكاناته وتوظيفها وتحقيقها في حيز الواقع.

 

المعنى الاجتماعي للتوافق:

 

أما التوافق بمعناه الاجتماعي فقد وصفه زهران بأنه ذلك التوافق الذي يعبر عنه بعلاقة الفرد المتجانسة مع بيئته الاجتماعية والسعادة مع الأخرين، ومسايرة المعايير الاجتماعية والامتثال لقواعد الضبط الاجتماعي، وتقبل التغيير الاجتماعي، والتفاعل الاجتماعي السليم والعمل لخير الجماعة والسعادة الزوجية مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية. 

 

أما أبو النيل ومجدة أحمد فيعرفان التوافق الاجتماعي بأنه قدرة الفرد على إقامة علاقة مناسبة ومسايرة لأعضاء الجماعة التي ينتمي إليها ويحظى في الوقت نفسه بتقدير واحترام الجماعة لآرائه واتجاهاته. ولهذا يمكن تعريف التوافق الاجتماعي بأنه: 

 

العملية التي يتمكن بها الفرد من إقامة علاقات مناسبة مع المجتمع بما يتفق وينسجم مع القواعد والمعايير الاجتماعية السائدة فيه، بما يحقق التوافق الصحي مع الذات والآخرين. ولهذا تكون الصحة النفسية للفرد في مدى قدرته على التوافق الاجتماعي وإقامة علاقات اجتماعية سليمة مع أفراد المجتمع الذي يعيش فيه. 

 

 

المصدر: 

 

الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، د.أحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع – سلطنة عمان، 2013.