علاج الجمرة الخبيثة:
التشخيص المخبري:
يجب الاشتباه بتشخيص الجمرة الخبيثة الجلدية عند وجود القرحة الضحلة غير المؤلمة المميزة مع الجلبة crust السوداء. يظهر تلوين غرام للسائل الحويصلي جراثيم نموذجية إيجابية الغرام، ويمكن تأكيد التشخيص بالزرع.
أما الجمرة الخبيثة الهضمية فتكون صعبة التشخيص؛ نظراً لتشابهها مع الأمراض الهضمية الشديدة الأخرى. وقد يساعد على التشخيص وجود قصة تناول لحم يحتمل أن يكون ملوثاً مع وجود أعراض نموذجية.
كذلك فقد يكون تشخيص الجمرة الخبيثة الاستنشاقية صعباً، ويشكل اتساع المنصف على صورة الصدر الشعاعية علامة سريرية مساعدة على وضع التشخيص. قد يكون الحمل الجرثومي
, bacterial burden في الخمج المتقدم كبيراً جداً بحيث تشاهد الجراثيم باستعمال تلوين غرام على الدم المحيطي غير المثفل unspun. يمكن أن توجد جراثی إيجابية الغرام في عينات سريرية أخرى مثل السائل الجنبي أو الخزعة الجلدية من منطقة الإصابة أو قرحات البلعوم الفموي أو السائل الدماغي الشوكي. يتم تأكيد التشخيص غالباً بإيجابية زرع العصية الجمرية. ويجب أن تظهر زروع الدم القياسية نمواً جرثومياً خلال 6 - 24 ساعة.
يمكن للاختبارات المخبرية الأخرى أن تساعد على وضع التشخيص مثل تفاعل سلسلة البوليميراز polymerase chain reaction) PCR) الذي يكشف DNA العصية الجمرية في السائل الجنبي أو الدم والفحوص المصلية PA- based ELISA والكيمياء الهيستولوجية المناعية النسجية tissue immunohistochemistry التي يتم فيها تلوين النسيج بأضداد نوعية لجدار الخلية وللمحفظة.
تعريف الحالة:
تعرف حالة الجمرة الخبيثة المؤكدة case بأنها حالة تتوافق سريرياً مع المرض الجلدي أو التنفسي أو الهضمي، وتكون مؤكدة مخبرياً بعزل العصية الجمرية من النسيج أو المكان المصاب أو بوجود دليل مخبري آخر على الخمج بالعصية الجمرية بناء على فحصين مخبريين داعمين على الأقل. أما حالة الجمرة الخبيثة المشتبهة فهي حالة تتوافق سريرياً مع المرض لكن بدون عزل للعصية الجمرية وبدون وجود فحص بدیل. لكن يوجد دليل مخبري على العصية الجمرية بناء على فحص مخبري داعم وحيد وهي حالة تتوافق سريرياً مع الجمرة الخبيثة ومرتبطة وبائياً مع تعرض بيئي مؤکد. لكن لايوجد دليل مخبري يؤكد الخمج بالعصية الجمرية. يجب تبليغ قسم الصحة المحلي أو وزارة الصحة مباشرة عن أي شخص يشتبه بإصابته بأي نمط من الجمرة الخبيثة.
التدبير الطبي:
تعتبر المضادات الحيوية المداخلة العلاجية الأكثر أهمية في أي شكل من أشكال الجمرة الخبيثة، ويجب البدء بها مباشرة عند الاشتباه بالمرض. وتعتبر سلالات العصية الجمرية التي تحدث بشكل طبيعي حساسة بشكل نموذجي للعديد من المضادات الحيوية والتي تشمل البنسلين، والتتراسيكلينوالفلوروکینولونات الفموية (السيبروفلوكساسين ciprofloxacinوالأفلوكساسين
.(ofloxacin
تنتج العصيات الجمرية السيفالوسبوريناز cephalosporinase التي تثبط تأثير السيفالوسبورينات المضاد للجراثيم مثل السيفترياكسون ceftriaxone، لذلك يجب عدم استعمال السيفالوسبورينات في معالجة الجمرة الخبيثة. كذلك فإن سلالات العصية الجمرية التي تحدث بشكل طبيعي قد تكون مقاومة للمضادات الحيوية شائعة الاستعمال مثل السلفاميثوكسازول sulfamethoxazole والتريميتوبریم trimethoprimوالأزتریونام aztreonam.
كانت نسبة البقيا survival عند المصابين بالجمرة الخبيئة الاستنشاقية المرتبطة بالهجوم البيولوجي عام 2001 أعلى (55 %) من نسبة البقيا المذكورة سابقاً. وقد أعطي كل المرضى علاجاً مشتركاً بالمضادات الحيوية حيث استخدم اكثر من مضاد حيوي فعال ضد عصيات الجمرة. إن التحسن الواضح في نسبة البقيا يشير إلى أن المضادات الحيوية المشتركة المستعملة عند هؤلاء المرضى قد يكون لها أفضلية علاجية مقارنة مع النظم العلاجية السابقة. وتقترح معطيات محدودة في المعالجة أن المعالجة الوريدية الباكرة بالفلوروكينولونات (مثل السيبروفلوكساسين) مع واحد على الأقل من الأدوية الأخرى الفعالة (مثل الريفامبين، الفانكوميسين،البنسلين، الأمبيسلين، الكلورامفينيكول، الكلينداميسين) قد تحسن البقيا.
يجب البدء بالمعالجة الوريدية، ومن ثم تعطی معالجة فموية عندما تصبح الحالة السريرية مناسبة. كذلك يجب الاستمرار باستخدام المضادات الحيوية لمدة 30 - 60 يوماً أو أكثر.
يبدو أن نسبة البقيا عند المصابين بالجمرة الخبيثة الاستنشاقية تزداد باللجوء للعناية الداعمة الهجومية aggressive مثل نزح الانصبابات الجنبية و تصحيح اضطراب الشوارد والاضطراب الحامضي القلوي واستعمال التهوية الآلية باكراً، وذلك بالإضافة لاستعمال المضادات الحيوية.
يوصى باستعمال السيبروفلوكساسين أو الدوكسي سيكلين doxycyclineكخط علاجي أول عند الإصابة بالجمرة الخبيثة الجلدية. كما يوصى بالمعالجة الوريدية بالنظام متعدد الأدوية في الجمرة الخبيثة الجلدية مع وجود علامات جهازية أو في حال الوذمة الشاملة أو في الآفات التي تصيب الوجه أو العنق. تعالج الجمرة الخبيثة الجلدية بشكل نموذجي لمدة 7 - 10 أيام، لكن في حالة الهجوم البيولوجي قد يكون خطر التعرض الضبوبي aerosol (الاستنشاق) العفوي عاليا؛ لذلك يجب أن تتم معالجة المصابين بالجمرة الخبيثة الجلدية المرافقة لهجوم بيولوجي لمدة 60 يوماً. تجدر الإشارة إلى إن الجمرة الخبيثة الجلدية تستمر بالتطور حتى مرحلة الخشكريشة رغم المعالجة السريعة بالمضادات الحيوية المناسبة.
المصدر:
المرجع الشامل في اللقاحات، د. عماد محمد زوكار، د. محمد أحمد نوح، دار القدس للعلوم، الطبعة الأولى 2005.