التسمم الحاد عند الأطفال:
إن درهم وقاية خير من قنطار علاج، ولا يوجد مكان يصدق فيه هذا القول أكثر من طب الأطفال. إن الحوادث والأذيات هي السبب الرئيس للمراضة والوفيات عند الأطفال، وإن التقييم السريع والمعالجة يمكن أن يحدا من الإعاقة ويحافظان على جودة الحياة عند الأطفال الذين يتعرضون لحادث ما.
التسمم الحاد: ACUTE POISONING
يعتبر التسمم واحداً من أشيع الحالات الإسعافية في طب الأطفال، وهو يؤدي إلى أكثر من مليوني زيارة إسعافية كل سنة. تحدث 85% من حالات التسمم عند الأطفال دون عمـر الخمس سنوات، وتميل التسممات في هذه الحالة لأن تشمل تناول مادة واحدة فقط وقد تدل على التناول العرضي Accidental أو قد تدل أربع حالات نادرة على سوء معاملة الطفـل مـن قبـل مـن يعتنـي بـه. أمـا المراهقون فيشكلون 15% مـن حـالات التسممات، وتكون التسممات في هذه الحالة قصدية Intentional عادة، وتمثل محاولات الانتحار أو التلويح به، وقد تتضمن تناول عدة مواد. يمكن أن يؤدي تناول الأدوية الاستجمامية Recreational Drug عند هذه الفئة السكانية إلى حدوث تسممات غير قصدية لكنها مميتة.
التظاهرات السريرية: CLINICAL MANIFESTATIONS
القصة المرضية والفحص السريري:
يجب أن تتضمن القصة المرضية المادة السامة المتناولة، ومتى تم هذا التناول وكيف، والكميـة والسلوك اللاحق وأي محاولات للعلاج. يبدأ الفحص السريري بالمسح الأولي لتقييم الحاجة للدعم
القلبي الرئوي الإسعافي. تشمل المظاهر الأخرى بالفحص السريري الحرارة والعلامات الحيوية وروائح النفس والجلد والثياب وحجم الحدقة وتفاعلها ولون الجلد وملمسه.
التشخيص التفريقي: DIFFERENTIAL DIAGNOSIS
يجب التفكير بإمكانية تناول المواد السامة عند أي مريض يتظاهر بمرض حاد سريع البدء يشمل عدة أجهزة أو بتبدل الحالة العقلية أو التبدلات السلوكية الحادة أو الاختلاجات أو اضطرابات النظم أو السبات.
التقييم التشخيصي: DIAGNOSTIC EVALUATION
يجب أن تشمل الدراسات المسحية فحص الأكسجة النبضية وشريط الدكستروز ومخطط كهربية القلب وكهارل المصـل والأسمولية Osmolarityوغـازات الدم الوريدية لتحديد درجة حموضة الدم. إن تقصـي السموم في البول والدم مفيد بدرجات متنوعة ومعظم التقصيات الروتينية للسموم لا تكشف الحديد والكلونيدين ومركبات الفوسفور العضوية والديجيتال، ويجب على الطبيب أن يطلب بالتحديد التحـري عن مواد سمية معينة.
المعالجة: TREATMENT
يجب إعطاء تعليمات للأهالي للاتصال فوراً بالإسعاف من أجل ربطهم مع مركز السموم المحلي. إن توصيات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال الحديثـة تقضـي بعـدم الاحتفاظ الروتينـي بشراب عرق الذهب Ipecac في المنزل وعدم استخدامه من قبل الأهل في حالة التسممات الحادة، حيث تبين أن إعطاء عرق الذهب في المنزل لا يحسن النتائج عند المريض.
يجب تقييم المرضى الذين يتظاهرون بحالة غير مستقرة ومعالجتهم. وفيما يتعلق بالتسممات فإن حرف الـ D يمكن اعتباره للدلالة على الدكستروز Dextrose (لأن العديد من التسممات الشائعة يحدث فيها نقص سكر الدم)، كذلك يدل على المعالجة الدوائية التجريبية Empirical Drug Treatment (تشمل الترياقات Antidotes الممكنة والأدوية المثبتة للعضلة القلبية .. الـخ) ويدل أيضـاً على إزالة التلوث Decontamination المناسبة. يجب أن تعتمد قرارات المعالجة على تقديرات الجرعة القصوى المحتمل تناولها من المادة السامة.
يفيد غسيل المعدة Gastric lavage في التخلص من محتويات المعدة وتمديدها، وهـو فعـال عـادة فقط إذا أجري خلال الساعة الأولى من التسمم أو عندما تؤدي المادة السمية المتناولة إلى بطء إفراغ المعدة (الأسبرين، مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة)، قد تساعد بقايا الحبوب المستخلصة عبر غسيل المعدة في التشخيص.
يقوم الفحم المفعل Activated Charcoal عن طريق الفم أو الأنبوب الأنفي المعدي بالتقليل من الامتصاص عن طريق الارتباط مع المادة السامة وتسريع التخلص منها، ومع ذلك فإن الفحم المفعل غير فعال في حالة تناول الكحول أو الهيدروكربونات أو الحديد أو الليثيوم. أما إرواء الأمعاء Bowel irrigation فهو خيار في حالة التسمم بالحديد أو بعد إعطاء الفحم المفعل في حالات التسمم بالمستحضرات بطيئة التحرر. إن الديـال الدموي Hemodialysis خيـار متـأخر في بعـض الحالات المهددة للحياة.
الوقاية:
لعب أطباء الأطفال دوراً رئيساً في إنقاص عدد وشدة التسممات، وشمل ذلك مجموعات الضغط Lobby مـن أجـل زجاجات الدواء التي لا يستطيع الطفـل فتحها وكذلك أغطيـة المنظفات المنزليـة وتضمين الإرشادات الاستباقية ضمن زيارات الطفل السليم. وتشمل المواضيع النوعية وقاية الطفل في المنزل وإبعاد الأدوية ووضعها ضمن علبة مغلقة وإبعاد منتجات التنظيف عن متناول الأطفال.
حقائق هامة: PREVENTION
1. قد تقترح المعلومات المستخلصة من العلامات الحيوية والفحص السريري والمعلومات المخبرية الأولية تناول مادة سامة عن طريق مطابقتها مع مظاهر سمية Toxidrome نوعية.
2. لم يعد يوصى باستخدام عرق الذهـب مـن قبـل الأهل في حالات التسمم الحـاد، ويجب إخبـار الأهل بضرورة الاتصال مع الإسعاف أو مركز السموم المحلي لأخذ الإرشادات.
المصدر:
مبادئ طب الأطفال (بلوبرنت)، د. عماد زوكار، دار القدس للعلوم، الطبعة العربية الأولى 2005.