القائمة الرئيسية

الصفحات

 

تمرد الطفل وعصيانه: 



طفلكِ عاصٍ ومتمرد يكاد لا يطيع أحداً! ولا يمتثل لأية أوامر أو قوانين! 

 

يعرض نفسه للمخاطر كأن يركض في الشارع العام، أو يلعب بالنار أو الكهرباء أو يقوم بممارسة كل ما هو ممنوع بإصرار، فقط حتى يتمرد ويعصي التحذيرات والنصائح! 

 

وكلما حاولتِ منعه أو صدّه يزداد عصياناً وتمرداً! 

 

يعد التمرد أو العصيان من المشكلات الهامة التي تشغل تفكير الآباء والمربين في مرحلة الطفولة المبكرة هي مشكلة التمرد والعناد عند الطفل، حيث يرى العديد من الباحثين أن هذه المشكلة تصل ذروتها ما بين سن الثانية والرابعة من العمر. كما يرى المختصين أن حوالي ثلث مشكلات الأطفال لها علاقة بالتمرد أو العصيان. 

 

ولهذا نرى بأن التمرد سلوك يظهر عند الطفل على شكل مقاومة علنية أو مستترة لما يطلب منه من قبل الآخرين؛ وذلك نتيجة شعوره بالقسوة والتسلط وما يؤدي إليه من عجز عن القيام برد فعل تجاه ذلك. فالطفل في هذه المرحلة من العمر يصعب عليه تعلم عمل الأشياء في الوقت المحدد الذي يجب أن تعمل فيه. ويتبرم الكثير من الآباء من سلوك عدم الطاعة الذي يظهر عند الطفل، ويتساءلون عن كيفية تعليم الطفل أن يفعل ما يطلب منه في الوقت المحدد. فمن المعروف أن بعض الأطفال يطيعون تعليمات الآباء خلال السنتين الأوليين. ولكن البعض الآخر لا يفعل ذلك ويتمرد، حيث يرى الطفل في الكبار التسلط والقوة والقهر وهذا الشعور يتولد من خلال شعوره بضعفه وعجزه عن القيام بما يتمنى القيام به. فمن المعروف أن سلوك الطفل في السنتين الثالثة والرابعة من العمر يتميز بالتمركز حول الذات فهو لا يهتم بأقوال وأفعال الآخرين إلا إذا كانت مرتبطة بذاته، ولكن مع التقدم في العمر وتفاعله مع البيئة المحيطة به، فإن هذا السلوك يخف تدريجياً ويبدأ بالتعامل مع العالم المحيط بشكل أكثر موضوعية.

 

من جهة أخرى فإن سلوك التمرد والعناد هو سلوك طبيعي ومعقول وتعبير صحي عن الأنا النامية التي تسعى إلى الاستقلال والتوجيه الذاتي إذا ظهر أحياناً في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، أما إذا تكرر واستمر هذا السلوك إلى فترة طويلة فإن ذلك يعد مؤشراً على عدم السواء وقد يطور عادات سلبية لديه بحيث يظهر سلوك العناد عنده في جميع المواقف دون أن يكون هناك أي مبرر منطقي لذلك.



أشكال التمرد:

 

هناك ثلاثة أشكال رئيسة للتمرد أو العصيان عند الطفل هي: 

 

 

1.شكل المقاومة السلبية: حيث يتأخر الطفل في امتثاله، ويتجهم، ويصبح حزيناً (هادئاً ومنسحباً) أو يشكو ويتذمر من أن عليه أن يطيع، أو أنه يمتثل لحرفية التعليمات، ولكن ليس لروح القانون. 

 

2.التحدي الظاهر و لن أفعل ذلك: حيث يكون الطفل مستعداً لتوجيه إساءة لفظية أو للانفجار في ثورة غضب للدفاع عن موقفه. 

 

3.نمط العصيان الحاقد: ويؤدي إلى قيام الطفل بعمل عكس ما طلب منه تماماً، فالطفل الذي يطلب إليه أن يهدأ مثلاً يصرخ بصوت أعلى. 

 

 

الأسباب: 

 

إن أسباب العناد كثيرة ومتشابكة خاصة إذا ظهرت في سن ما بعد السادسة من العمر ويمكن ذكر أهم هذه الأسباب فيما يلي: 

 

1.التساهل المفرط في معاملة الطفل (التدليل الزائد) بحيث يلبي الوالدان كل طلبات الطفل مهما كانت، وذلك ظناً منهما بأن ذلك يكون في صالحه وراحته مما ينعكس سلباً على سلوكه وشخصيته ويجعله يلجأ إلى التمرد والعصيان في أي موقفه في أثناء تعامله مع الآخرين. 

 

2. القسوة المفرطة من قبل الوالدين في تعاملها مع الطفل، واجباره اتباع نظام معين في المعاملة، وآداب الطعام، والنقد المستمر لسلوكه، وطلب الطاعة الفورية منه بغض النظر عن شعوره واهتماماته في تلك اللحظة.

 

3.التذبذب في المعاملة: إذ يلجأ الوالدان إلى القسوة المفرطة حيناً، وفي حين آخر يتساهلان بشكل مفرط مع الطفل في أثناء ردود الفعل نحو سلوكيات معينة يقوم بها. بالإضافة إلى ذلك فإن عدم اتفاق الوالدين على كيفية التعامل مع الطفل يؤدي إلى تفكك شخصيته واضطرابه وعدم استقراره النفسي؛مما يؤدي به إلى العصيان والتمرد على أوامر الوالدين.

 

4.إهمال الوالدين لدور الأبوة: هناك الكثير من الظروف التي تحيق بالوالدين وتعوق قيامهما بمهمة تربية الأبناء بشكل صحيح. فمطالب العمل الكثيرة والانشغال الزائد، بالإضافة إلى النزاع والشقاق المستمر بينهما والذي قد يؤدي إلى الطلاق، أو المشكلات الشخصية التي يتعرض لها أحد الوالدين أو كلاهما قد تؤدي إلى إهمال الطفل مما يولد عن ذلك سلوك الرفض والعناد عنده. 

 

5.شعور الطفل بعدم الأمن والأمان: يعاني الطفل من اضطرابات نفسية عندما لا يشعر بالأمن والحب في محيطه الأسري مما يجعله يسلك سلوك الرفض والعناد، والذي يظهر على شكل رفض للسلطة، ورفض للنوم، ورفض لطاعة الوالدين. فالقلق والصراخ المتكرر عند الطفل دليل على ما يعانيه من إحباط. بالإضافة إلى ذلك فإن غياب أحد الأبوين أو كلاهما يؤثر تأثيراً بالغاً في شخصية الطفل وحياته الانفعالية. فالطفل يحتاج إلى والدين يشبعان حاجته إلى الأمن والمساعدة. كما أن الطفل الذي يحرم من والديه في الصغر (بسبب الوفاة أو الطلاق) لا يجد من يتحد معه ويعرفه على الحياة والعالم المحيط به. 

 

كما أن غياب أحد الوالدين لفترة طويلة يؤثر في النمو النفسي والاجتماعي للطفل، وقد يفسر الطفل هذا الغياب الطويل دليلاً على عدم الحب له، مما يجعله يلجأ إلى العناد والمشاكسة أو النكوص إلى سلوك قدیم (تبول، قضم أظافر ...). 

 

 

6.تفضيل الوالدين أحد الأبناء دون الآخرين مما يدفع بالطفل المنبوذ أو المهمل إلى اللجوء إلى سلوك انتقامي ضد الوالدين أو قد يلجأ إلى سلوك يجتذب فيه انتباه الوالدين والمحيطين وذلك من خلال العناد والعصيان لأوامر ومتطلبات الوالدين. 

 

7.محاكاة الطفل لأحد أبويه: فاتجاهات الأبوين نحو السلطة والقانون تؤثر في اتجاهات الأبناء، فإذا أظهر الأبوان القليل من الاحترام للسلطة والنظام والقانون؛ فإن ذلك يؤدي بأطفالهم إلى عدم احترام الراشدين وسلطتهم والعكس صحيح. 

 

8.يلعب ذكاء الطفل دوراً أساسياً في التمرد والعصيان، فإذا كان الطفل قليل الذكاء مال إلى عدم الطاعة والعصيان، حيث أنه لا يستطيع بسهولة توقع نتائج تصرفاته بعكس الطفل الذكي الذي يمكنه أن يتوقع بسهولة نتائج تصرفاته، ويميل إلى تأجيل إشباعاته الفورية في سبيل تحقيق أهداف آجلة.

المصادر: 

الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال، دأحمد محمد الزعبي، دار زهران للنشر والتوزيع - سلطنة عمان، 2013.